كيف تم اختيار عجائب الدنيا السبع الحديثة؟
تعد عجائب الدنيا السبع من أبرز المفاهيم التي تثير اهتمام الجميع، وتعد واحدة من أكثر التصنيفات شهرة التي تعكس الإبداع البشري في مجالات البناء والهندسة والفن. في حين أن العجائب الأصلية للدنيا السبع كانت قد اختيرت في العصور القديمة، فإن فكرة “عجائب الدنيا السبع الحديثة” قد ظهرت في العصر الحديث نتيجة لتطورات عدة على مستوى العالم. في هذا المقال، سنتناول كيفية اختيار عجائب الدنيا السبع الحديثة، والمعايير التي تم بناء عليها هذا الاختيار، بالإضافة إلى تاريخ هذه العجائب وأثرها على الثقافة العالمية.
نظرة عامة على عجائب الدنيا السبع القديمة
قبل أن نتطرق إلى عجائب الدنيا السبع الحديثة، من المفيد فهم تاريخ عجائب الدنيا السبع القديمة التي كانت تمثل معالم بارزة في العصور القديمة وتعتبر رمزًا للإبداع الهندسي والمعماري. تم اختيار هذه العجائب في العالم القديم بناءً على شهرتها الكبيرة في مختلف أرجاء العالم. كانت العجائب القديمة تشمل أهرامات الجيزة في مصر، وحدائق بابل المعلقة، وتمثال زيوس في أولمبيا، معبد أرتميس في أفسس، قبر موسولوس، منارة الإسكندرية، وتمثال رودس.
تم اختيار هذه العجائب بناءً على معايير معينة تتعلق بالحجم، التأثير التاريخي، والتأثير المعماري على المجتمعات القديمة. ولكن مع مرور الزمن، وتغير المعايير الثقافية والتكنولوجية، تم إحياء فكرة “عجائب جديدة” تواكب العصر الحديث.
ظهور فكرة عجائب الدنيا السبع الحديثة
في عام 2001، قررت منظمة “New7Wonders” (التي أسسها رجل الأعمال السويسري بيرنارد فيربير) إطلاق مشروع دولي لاختيار عجائب العالم السبع الجديدة، وهو اختيار جماعي من قبل الملايين من الأشخاص حول العالم باستخدام الإنترنت. تم تصميم هذا المشروع من أجل تسليط الضوء على المعالم التاريخية والثقافية في العالم التي تعكس إبداع الإنسان، تمامًا كما كانت عجائب الدنيا السبع القديمة.
جاءت هذه الفكرة من أجل تسليط الضوء على المواقع التي ما زالت تمثل قمة في البراعة المعمارية والهندسية في عصرنا الحديث. تم الإعلان عن التصويت الذي شمل 200 من المعالم التاريخية المختلفة التي تم تصنيفها بناءً على شعبيتها وتأثيرها العالمي، وجاءت النتائج النهائية في 7 يوليو 2007، حيث تم الإعلان عن “عجائب الدنيا السبع الحديثة”.
آلية التصويت وكيفية اختيار العجائب
تم تنظيم عملية اختيار عجائب الدنيا السبع الحديثة عبر الإنترنت، حيث كان بإمكان الناس من جميع أنحاء العالم المشاركة في التصويت. حظيت الحملة بتفاعل كبير، حيث جرى التصويت عبر موقع الإنترنت الخاص بالمنظمة. كان التحدي الأكبر هو تحديد المعالم التي يجب أن تدخل المنافسة، حيث تم اختيار أكثر من 200 معلم تاريخي بناءً على اقتراحات من مختلف أنحاء العالم.
بدأت التصفيات الأولى بمراجعة المعالم التي تتمتع بأهمية ثقافية وتاريخية، ثم تم تصنيفها في مراحل متعددة. كان التصويت في البداية مفتوحًا لجميع الأشخاص حول العالم، وأدى هذا إلى اختيار المعالم التي كان لها أكبر تأثير في التاريخ البشري، من حيث الهندسة المعمارية والثقافة. تم تحديد الفائزين بناءً على تصويت عالمي، مما جعل التصنيف يعكس رغبات الناس ويأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي والجيولوجي.
في النهاية، تم تحديد المعالم التي أظهرت تأثيرًا كبيرًا في الحضارات المختلفة، وجاءت المعايير الأساسية التي تم بناءً عليها اختيار العجائب السبع الحديثة كما يلي:
المعايير الأساسية لاختيار عجائب الدنيا السبع الحديثة
-
التاريخ الثقافي:
كان من الأهمية بمكان أن يكون المعلم مختارًا ذا تاريخ طويل ومعترف به عالميًا. كان المطلوب أن تكون العجائب السبع الحديثة تحمل قيمة ثقافية بارزة، إذ تمتد آثارها عبر الزمان وتظهر تأثيرات حضارية على مدى الأجيال. -
الإبداع الهندسي والمعماري:
تم اختيار العجائب بناءً على براعته المعمارية والهندسية. يجب أن تُظهر هذه المعالم الإبداع البشري في مجالات مثل البناء والتصميم. فعلى سبيل المثال، لا يزال بناء كالأهرامات يشكل معلمًا رئيسيًا لفهم التقدم الهندسي في العصور القديمة. -
الشعبية والتأثير العالمي:
تم أخذ تأثير المعالم على السياحة والثقافة العالمية في الاعتبار، وكان من المهم أن تمثل هذه العجائب جزءًا من هوية الشعوب والأمم على مر العصور. -
الحفاظ على التراث:
كان الحفاظ على هذه المعالم جزءًا أساسيًا من المعايير، حيث تم التأكد من أن هذه المعالم محفوظة بشكل جيد وأنها ستظل معالم تاريخية للأجيال القادمة. -
التنوع الجغرافي:
كان المشروع يهدف إلى ضمان تمثيل مختلف القارات والمناطق في قائمة العجائب، وبالتالي تأكيد التنوع الثقافي والجغرافي الذي يعكس إبداع البشرية في جميع أنحاء العالم.
عجائب الدنيا السبع الحديثة
تم الإعلان عن عجائب الدنيا السبع الحديثة في يوليو 2007، وهي كالتالي:
-
تاج محل – الهند:
تاج محل هو واحد من أعظم المعالم المعمارية في الهند والعالم. تم بناؤه في القرن السابع عشر بواسطة الإمبراطور المغولي شاه جهان تخليدًا لذكرى زوجته ممتاز محل. يعد هذا المعلم مثالًا رائعًا على فن العمارة الإسلامية ويجمع بين العناصر الهندية والفارسية والعثمانية. -
المدينة المحرمة – الصين:
المدينة المحرمة هي مجمع قصر إمبراطوري في بكين، وكانت مقرًا لإمبراطوري الصين منذ أسرة مينغ حتى نهاية أسرة تشينغ. تعتبر هذه المدينة من أعظم الإنجازات المعمارية في التاريخ الصيني، وهي رمز للإبداع الهندسي الصيني في العصور الوسطى. -
ماتشو بيتشو – بيرو:
ماتشو بيتشو هي مدينة قديمة بنيت على قمة جبل في جبال الأنديز في بيرو. تعد واحدة من أبرز آثار الإمبراطورية الإنكا، وهي معلم ثقافي رائع يعكس براعة الإنكا في البناء. -
تشيتشن إيتزا – المكسيك:
تشيتشن إيتزا هي مدينة قديمة كانت واحدة من أكبر مدن حضارة المايا. تقع في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية وتعد من أبرز المعالم الثقافية والتاريخية في العالم، وخصوصًا هرم كوكولكان الذي يمثل نقطة ارتكاز ثقافية هامة. -
الكرملين وكنيسة سانت باسيل – روسيا:
يعد الكرملين أحد أبرز المعالم التاريخية في موسكو، ويجمع بين الهندسة المعمارية الروسية التقليدية وبين العناصر الفريدة للكنائس الروسية الأرثوذكسية. -
الكولوسيوم – إيطاليا:
يعد الكولوسيوم في روما أحد أعظم الآثار الرومانية القديمة، وكان يستخدم كميدان للمصارعة والعروض العامة. يعتبر أحد أشهر المعالم التي تعكس القدرة الهندسية والحضارية للرومان. -
تمثال المسيح الفادي – البرازيل:
تمثال المسيح الفادي هو تمثال ضخم يقع على قمة جبل كوركوفادو في ريو دي جانيرو، ويعد رمزًا مسيحيًا عالميًا، مما جعله واحدًا من العجائب الحديثة التي تشهد على الإيمان المسيحي.
أهمية عجائب الدنيا السبع الحديثة
لا تقتصر أهمية عجائب الدنيا السبع الحديثة على كونها تمثل معالم سياحية تثير إعجاب الملايين من الزوار كل عام، بل إن هذه العجائب تمثل أيضًا شواهد تاريخية على براعة الإنسان في الإبداع والبناء. علاوة على ذلك، فإن هذه العجائب تلعب دورًا مهمًا في السياحة العالمية، مما يعزز من فرص التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدان.
لقد أسهمت عجائب الدنيا السبع الحديثة في زيادة الوعي بالحفاظ على التراث المعماري والتاريخي حول العالم. كما أن هذه المعالم تساهم في تعزيز الهوية الوطنية وتفخر بها الشعوب التي تمتلكها.
